وسط الضغوط الأخيرة التي تشهدها العائلة المالكة البريطانية، يتمسك ولي العهد الأمير ويليام بإرث والدته، الأميرة ديانا، الذي رسّخ فيه قيم التواضع والتعاطف مع عامة الشعب.
ففي الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات من جهة شقيقه الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل، يبدو ولي عهد بريطانيا مُتمسكًا بمنهج “الصمت الواثق” الذي ورثه عن جدته الراحلة الملكة إليزابيث الثانية: “لا تشتكِ، لا تبرر”.
لكن جذور هذا النهج تعود إلى الدروس العميقة التي غرستها فيه ديانا، والتي كشفت عنها تفاصيل زيارة سرية كان لها أثرٌ بالغ في تشكيل شخصيته.
تربية خارج القصور
آمنت الأميرة الراحلة بأن دور الأمير المستقبلي لا يقتصر على البروتوكولات الملكية، بل بالانغماس في واقع الناس، خاصة الأكثر ضعفًا.
فخلال تربيتها لويليام وشقيقه هاري، حرصت على اصطحابهما إلى أماكن نادرًا ما تطأها الأقدام الملكية مثل ملاجئ المشردين، ومستشفيات مرضى الإيدز، ومراكز الدعم الإنساني.
وفي كتابه الشهير “ديانا: قصتها الحقيقية”، يروي الكاتب أندرو مورتون كيف كانت ديانا ترفض فكرة عزل أبنائها خلف جدران القصور أو المدارس الداخلية الفاخرة، مؤكدة أن “ويليام سيكون ملكًا يومًا ما. ولا يمكنه أن يعيش كأن العالم يُدار من الطابق العلوي مع المربية. وعليه أن يرى الحقيقة بعينيه.”
لحظة محورية في حياة ويليام
من أبرز المحطات التي كشفت عنها المصادر زيارةٌ سرية نظمتها ديانا مع ابنها البكر عام 1993 إلى مركز “ذا باسدج” في لندن، وهو ملجأ يومي للمشردين، ورافقهما الكاردينال باسيلي هوم، الذي أشاد لاحقًا بدهشة ويليام – الذي كان في الـ11 من عمره – وتعاطفه مع الحاضرين.
خلال الزيارة، قدمت ديانا ابنها للناس بفخر قائلة: “هذا ويليام”، وبينما شارك الأمير الصغير في حواراتٍ مباشرة مع من يعانون الفقر والتهميش.
لم تكن تلك الزيارة مجرد حدث عابر، بل جزءٌ من خطة مُمنهجة لتعريضه لتحديات المجتمع، كما أوضحت ديانا في خطابٍ لها: “هل أخدم أبنائي حقًا إذا أخفيت عنهم المعاناة حتى يكبروا؟ الحقيقة يجب أن يراها الأطفال مبكرًا… المعرفة قوة.”
“طفل غير عادي بوقار ملكي”: كيف رأى العالم نضج ويليام المبكر؟
لاحظ المراقبون منذ طفولته أن ويليام يحمل سماتٍ استثنائية، حتى أن رئيس أساقفة كانتربري وصفه بأنه “صبي يتمتع بوقار يفوق عمره”.
وقد عززت زياراته الميدانية مع ديانا هذه السمات، خاصة في تعامله مع ذوي الاحتياجات الخاصة أو المرضى.
في إحدى حفلات عيد الميلاد، روت ديانا لأصدقائها كيف تفاعل ويليام ببراعة مع أطفال يعانون إعاقات حركية، قائلة: “كنت فخورة به.. كثير من البالغين لم يكونوا ليتحملوا ذلك الموقف.”
كما شارك ويليام في مأوى ليلي للمشردين بلعب الشطرنج مع نزلاء، بينما انشغل هاري بلعبة الورق، ليعودا لاحقًا إلى القصر – كما كتب مورتون – “أكثر نضجًا وحكمة.”
إرث ديانا الذي يحمله ويليام
على الرغم من انتقادات بعض الأوساط الملكية لأساليب ديانا غير التقليدية، إلا أن جهودها الهادئة غيّرت نظرة العالم إليها من “امرأة متمردة” إلى “أميرة الشعب”.
وقد نجح ويليام في تحويل هذا الإرث إلى جزءٍ من هويته العامة، عبر دعمه القضايا الاجتماعية التي آمنت بها والدته، مثل الصحة النفسية ومكافحة التشرد.
واليوم، وبينما يستعد ويليام لتولي العرش، يبدو واضحًا أن الدروس التي تلقاها في طفولته – بعيدًا عن الأضواء – هي ما جعلته رمزًا للتواصل بين العرش والشعب. وكما قالت ديانا يوماً: “زرعت فيهم البذور. قد لا يحصدون ثمارها الآن، لكنها ستُثمر يومًا. فالمعرفة قوة، والتعاطف إرث لا يفنى.”
aXA6IDY3LjIyMy4xMTguNjEg جزيرة ام اند امز
التعليقات